فيلادلفيا نيوز
بعد معارك ضارية استمرت لأيام مع قوات الدعم السريع، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مساء الاثنين، في خطاب متلفز، انسحاب الجيش السوداني من مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور غربي البلاد، موضحًا أن القرار جاء بسبب ما شهدته المدينة من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين.
وانتشرت في الوقت ذاته مشاهد مصوّرة تظهر تصفية مدنيين عُزّل داخل المدينة، وسط اتهامات لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم مروعة بحق السكان.
تحذيرات من “سيناريو ليبي”
وفي سياق متصل، حذّر مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب للشؤون العربية والإفريقية، من أن الوضع في الفاشر مقلق للغاية من الناحيتين الاستراتيجية والإنسانية، مشيرًا إلى احتمال تكرار سيناريو ليبي يؤدي إلى انقسام السودان.
وأوضح بولس في مقابلة صحفية أن ما حدث في المدينة لم يكن مفاجئًا بعد عامين من الحصار وسيطرة شبه كاملة للدعم السريع على الفاشر.
وتأتي هذه التطورات مع تصاعد المخاوف من أعمال انتقامية محتملة ضد نحو 250 ألف مدني لا يزالون في المدينة، التي تُعد آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، وسط تحذيرات من اتساع رقعة القتال في مناطق أخرى من البلاد.
خطر التقسيم وتفاقم الأزمة
ويرى محللون أن قوات الدعم السريع، التي تخوض حربًا مع الجيش منذ أكثر من عامين ونصف العام، قد تستغل زخمها الميداني لتحقيق مزيد من التوسع واستعادة السيطرة على مناطق جديدة في السودان.
ويؤكد خبراء أن فشل محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة في تحقيق اختراق حقيقي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، التي تسببت بالفعل في مجاعة وأعمال عنف ذات طابع عرقي وأدت إلى تشريد ملايين المدنيين.
تحركات ميدانية واحتجاز مدنيين
من جانبه، قال مآلان بوزويل من مجموعة الأزمات الدولية، إن قيادة الدعم السريع “لا تبدو مكتفية بغرب السودان فقط”، مشيرًا إلى استمرار تصعيد العمليات العسكرية.
وأكد شهود ومصادر عسكرية وإنسانية أن مقاتلي الدعم السريع احتجزوا مدنيين فارين من الفاشر في بلدات وقرى مجاورة، منذ إعلان السيطرة على مقر الجيش يوم الأحد، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.
وأفادت مصادر عسكرية وإنسانية بأن المدنيين الفارين وجّهوا إلى بلدات محيطة بالفاشر، بهدف إنشاء مخيمات للنازحين، فيما ذكر شهود وصلوا إلى بلدة طويلة شرق المدينة أنهم أُجبروا على الانتقال سيرًا على الأقدام إلى بلدة قرني القريبة، حيث لا يزال مئات الأشخاص محتجزين، بينهم نساء وأطفال.
أوضاع إنسانية متدهورة
من جانبها، أكدت منسقة الأمم المتحدة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان دينيس براون، أن المدنيين الذين غادروا الفاشر عبر طرق غير آمنة يعانون من الجفاف وسوء التغذية والإصابات الجسدية والصدمات النفسية.
كما أوضحت المنظمة الدولية للهجرة أن المعارك الأخيرة أدت إلى نزوح نحو 26 ألف شخص من المدينة والمناطق المحيطة بها.
الدعم السريع يقترب من الخرطوم
وأحرزت قوات الدعم السريع تقدمًا ميدانيًا جديدًا خلال مطلع الأسبوع في مدينة بارا الاستراتيجية شمال كردفان، لتصبح على بُعد ساعات من العاصمة الخرطوم.
وفي مقطع فيديو نُشر الأحد من داخل قاعدة الجيش في الفاشر، أعلن عبد الرحيم دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع، أن “تحرير الفاشر يعني تحرير السودان حتى بورتسودان”، مؤكدًا أن قواته “قادمة بقوة كبيرة جدًا”.
دارفور معقل الدعم السريع
وباتت دارفور تُعد اليوم المعقل الرئيسي لقوات الدعم السريع، التي شكلت فيها حكومة موازية. وتشير مصادر ميدانية إلى أن قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) وعددًا من كبار قادته يقيمون في الإقليم.
وكان الجيش السوداني قد استعاد السيطرة على العاصمة الخرطوم مطلع عام 2025، غير أن مصادر من الجانبين أكدت أن الدعم السريع حشد أسلحة متطورة تشمل طائرات مسيّرة بعيدة المدى، مما قد يمكّنه من محاولة العودة مجددًا إلى العاصمة.
فيلادلفيا نيوز نجعل الخبر مبتدأ