الإثنين , ديسمبر 23 2024 | 12:24 م
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / الدكتور ثامر العناسوة يكتب: طوبى لكم أيها الأردنيون

الدكتور ثامر العناسوة يكتب: طوبى لكم أيها الأردنيون

فيلادلفيا نيوز

إذ تأملنا أحوالنا اليوم، لن يسعنا إلا الاعتراف بأن كل شيء مقدر قبل أن يكون وذلك لأن مافي العالم الآن من طاقة تتهيأ لأن تكون عملاً وحركة في الغد القريب أو البعيد ولن تتجاوز حدودها المقررة  الكامنة في طبيعتها إلا بقدرة الله تعالى، يتعرض بلدي الأردن لأزمة عميقة بسبب فيروس الكورونا حاله كحال سائر دول العالم أزمة أجهضت الدول العظمى التي تشن الحروب وتخلق الأزمات في العالم بأسره، دول لها وزنها الاقتصادي والسياسي والعسكري دول نووية تتحكم بالمجتمع الدولي بقوتها، وقفت عاجزة بتعاملها مع هذه القضية ، إلا أن هذه الأزمة لم ولن تقوض إرادة الدولة الأردنية والشعب الأردني صارخين بأعلى صوتهم وهممهم أن في العالم حقيقة واحدة نعرفها وهي إرادتنا الشخصية التي نشعر بها كل منا، وقرارنا بالوجود بعد التوكل على الله فالعالم هو في الحقيقة عدة إرادات متنازعة وهذه هي الحقيقة الوحيدة التي نعرفها في هذا العالم ، وذلك لأننا كأردنيين نشعر بها بأنفسنا، فنحن العرب مشهورون بالإتكال والتوكل على الله عز وجل حتى أننا نقول كل منا مقسوم له نصيبه أي ( حظه ) في هذه الدنيا وللفيلسوف الألماني نيتشيه ملاحظة حسنة عن إيمان الشرقيين بالقدر فيجدر بنا كأردنيين أن لا ننساها أبداً وهي ” إن إرادتهم جزء من هذا القدر نفسه “.

فالأردنيون قيادةً وحكومةً وشعباً رغم قوة هذا الفيروس اللعين ورغم فشل بعض الدول التي لها وزنها في تعاملها مع هذا الفيروس، إلا أنهم لم يستسلموا بحجة أنه أمر مقسوم لنا او حتى بفعل فاعل من بعض القوى في العالم فالأزمة وقعت ولا يهم من كان مصدرها ولا يهم من المتصارعين ومن يريد إسقاط الآخر، فهي أزمة مجهولة ليس كباقي الأزمات والصراعات بمعنى لا يوجد فيها أقطاب أو أطراف أو تحالفات أعتقد لها خصوصية قلبت أحوال الدول ونغصت عيش الشعوب ودمرت استقرار العالم، وهذا بطبيعة الحال لا ينفي أنها ستكون نقطة تحول في طبيعة العلاقات الدولية والأردن ليس بمعزل عن هذه العلاقات، لكنا اليوم  كشعب أردني لا يهمنا من المتصارع ومن الفائز ومن الخاسر حتى لا يهمنا من الذي سبب هذا الإختلال ما يهمنا فعلياً وواقعياً كيف لنا أن نخرج من هذه الأزمة وتعود حياتنا كما كانت مستقرة هادئة لذا سارعوا لكفاحه مؤمنيين أن هذا الكفاح هو جزء من القدر الذي نؤمن به، فإرادة الأردنيين لم تخرج عن نظام الكون وتشذ عن نواميسه، بل هي جزء منها وهي بذلك جزء من هذا القدر الذي يسير به عالمنا. فلقد تعاملت الدولة الأردنية بكافة أجهزتها مع هذه الأزمة بقدر عالٍ من الحرفية والمهنية بتكاتف أبناء شعبها يداً بيد، ففي هذه الأزمة تداخلت الأسباب بالنتائج واخذت الأحداث تتلاحق بسرعة كبيرة لتزيد من درجة المجهول عما يحدث من تطورات ومما لا شك فيه أن الموقف ينطوي على صعوبة وتعقيد ويشوبه خطر بالنسبة لصناع القرارحيث يجعلهم في حالة من الشك والريبة بسبب التهديد الذي يكتنف عليه الموقف، وبسبب ضيق الوقت المتاح، جميع ذلك لم تثني صانع القرار عن اتخاذ قرار سريع وصائب وحكيم يصب في مصلحة الوطن وشعبه. 

وبرأيي استطاعت الدولة الأردنية التفاعل مع الأزمة بشكل احترافي بتظافر كافة جهود أبناء شعبها الذي سيساهم بالخروج من هذه الأزمة، من خلال توجيهات القيادة الحكيمة بتفعيل قانون الدفاع بأضيق حدوده مع المحافظة على الحقوق السياسية والمدنية للمواطن الأردني  فلقد أدارت الدولة الأردنية أزمتها بشكل منفرد دون تلقي أي مساعدة خارجية عبر عدة إجراءات حيث أظهرت الحكومة شفافية واستعداد تام لإتخاذ إجراءات صارمة مثل الحجر الصحي وعدم الإختلاط، والتنسيق العالي المستوى بين كافة الأجهزة المعنية بإدارة الأزمة، وكذلك دور المواطن الأردني عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتفاعله بالتوجيه الدؤوب لأخذ الحيطة والحذر، تغليب مصلحة وحماية المواطن الأردني وكل من يقطن على ترابه على مصالح أخرى فجميع هذه الآليات تصب بإحتواء هذه الأزمة والسيطرة عليها بعد إرادة الله عز وجل وبمشيئته.

وأخيراً هناك من الناس من يحسن الإيمان بالقدر ويعتقد أن الأقدار تخدمه على الدوام وهو بذلك يستهوي نفسه إلى النجاح فطوبى لكم أيها الأردنيين توكلكم على الله وايمانكم بقضاء الله وقدره طوبى لكم هذا التكاتف وهذه الإرادة طوبى لنا وحدتنا الوطنية في هذه الأيام العصيبة، هنيئاً لنا بقيادتنا الهاشمية المظفرة وبجيشنا العربي الباسل المرابط لحماية هذا الوطن ولتبقى قيمنا النخوة والشهامة والمروءة مصدر فخر وإعتزاز.

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com