فيلادلفيا نيوز
وفي مساءات الأسبوع الأخير من شعبان ؛ تبدأ أمي بطحن البهارات الخاصة برمضان ، فيعبق البيت بروائح الكمون ، والكركم ، واليانسون ، والقرفة ، والفلفل الأسود ، وما تبقّى من تلك الخلطة التي غابت عني تفاصيلها الآن ، ومرّ الوقت سريعاً وانطوى العمر ، ولم يتسنّ لي السؤال عن سر تلك النكهة ، يا لأعمارنا كيف تتفلّت منا دون أن نشعر ، ودون أن نقول الكثير !
يُسمَع دقّ الهاون النحاسي الثقيل من بعيد ، في كل أرجاء الزقاق ، فيختلط مع دق بيوت الجيران ، الذين على ما يبدو بدأوا الاستعداد نفسه ، في ظل عدم وجود مطاحن خاصة ، ولا كهرباء .
تنتشر الروائح في الحي كله ، وتختلط مع قهوة المساء التي بدأت بإعدادها حالما انتهت من مهمتها ، ثم
ترسلني لبيوت الجارات لدعوتهن لشربها معها ، في سهرة شعبانية تحفّها نفحات رمضان ، وأدعية من القلب ؛ بأن يحفظ الله الأهل ، والأحبة ، وأن يبلغهم الشهر الفضيل ….
ورقة على وشك الاهتراء ، صفراء ، باهتة ، ألقتها الذاكرة هذا المساء ، ومعها محبتي ، وكل الأمنيات..
مساء الخير
#نكهة_ضائعة
#ذاكرة_مشاغبة