فيلادلفيا نيوز
قال البنك الدولي إن الحكومة تواجه تحديات يتوجب التصدي لها؛ وهي تحفيز النمو وخلق فرص العمل وكبح عجز الموازنة العامة، وتشتد أهمية ذلك مع تدهور مؤشرات سوق العمل وارتفاع تكاليف ظروف المعيشة مع ظهور الضغوط التضخمية.
وأوضح البنك في التقرير الصادر عن المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا مؤخرا، أنه في غياب تطور إيجابي مثل إعادة فتح طرق التجارة مع العراق أو التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة السورية، من الصعب التنبؤ بقفزة نوعية لمعدلات النمو ما لم يتم تنفيذ إصلاحات هيكلية بوتيرة أسرع.
ولفت التقرير إلى صعوبة تطبيق تدابير تصحيح أوضاع المالية العامة لاحتواء العجز وتخفيف الاعتماد على المنح المقدمة من المانحين كما يتجلى في مناقشات موازنة 2017.
وتوقع البنك الدولي تعافي معدل النمو الإقتصادي في الأردن بشكل بسيط إلى 2.3 % في 2017، ومن المنتظر أن يسجل تحسناً طفيفاً في الأمد المتوسط ليصل إلى نحو 2.6 % في الفترة 2017-2019، وذلك مع ظهور آثار الإصلاحات المتصلة بتحفيز استثمارات القطاع الخاص مثل تحسن وضوح القوانين التنظيمية وإمكانية توقعها، إضافة إلى تحسن سبل الحصول على التمويل لمؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل التجارة وزيادة الصادرات نتيجة لتخفيف الاتحاد الأوروبي لقواعد المنشأ، ومع تحسُّن قطاعات مثل السياحة والبناء.
وتوقع “الدولي” أيضاً ان يتقلص عجز ميزان المعاملات الجارية على الأمد المتوسط، لكن قبل ذلك سيزداد في 2017 جراء ارتفاع تكاليف واردات الطاقة المرتبط بزيادة أسعار النفط. وفي الأمد المتوسط، تشير التنبؤات إلى زيادة صادرات الملابس والفوسفات والبوتاس، وتحسن صادرات الخدمات، إضافة إلى تدفقات إيجابية من التحويلات المالية من دول مجلس التعاون الخليجي بالنظر إلى ارتفاع أسعار النفط والنمو الإيجابي لعائدات السياحة.
وأشار التقرير إلى ارتفاع معدلات البطالة لمستويات قياسية، وركود النمو، إذ مايزال الاقتصاد الأردني يتأثر بتداعيات الأزمة السورية ووجود ما يربو على 655 الف لاجئ سوري مسجل على أراضيه. ويتمثل التحدي الرئيسي أمام الأردن في تحفيز نمو قادر على توفير فرص العمل. ومن المتوقع ان يستمر اتباع سياسات مالية ونقدية متشددة مع سعي البلاد لتعزيز استدامة المالية العامة وخفض نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي.
ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد الاردني يعاني من حالة ركود، اذ تراجع معدل النمو في 2016 للعام الثاني على التوالي إلى نحو 2 % من 2.4 % العام 2015، مبتعداً أكثر فأكثر عن إمكانياته وطاقاته الكامنة، ويعزى هذا إلى حد كبير إلى ضعف قطاع المناجم والمحاجر الذي يتصل جزئياً بالضغوط التراجعية على أسعار البوتاس العالمية، وتأثير عوامل متصلة بتداعيات الأزمة السورية، لاسيما إغلاق طرق التصدير إلى العراق وسورية وتراجع أنشطة السياحة وسط عدد من الحوادث الأمنية.
ومن أهم ما أشار إليه التقرير، تسجيل معدلات البطالة مستوًى تاريخياً في عام 2016 إذ بلغ 15.3 %، واستمرار الاتجاه التراجعي لمعدل المشاركة في القوى العاملة ومعدل التشغيل، ليصلا الى 36 % و30.5 % (بالمقارنة مع 36.7 % و31.9 % في 2015 على التوالي). وقد يتبع تناقص معدلات المشاركة في القوى العاملة من المنافسة من قبل اللاجئين وضعف مستويات خلق فرص العمل، وهو ما يثني العمال عن البحث عن عمل.
ولفت التقرير إلى أنه في العام 2016 شهد الأردن انكماشاً في الاسعار العام الثاني على التوالي، وبلغ معدل التضخم لأسعار الاستهلاك -0.8 % (متوسط الفترة) فيما يُعزى إلى حد كبير الى انخفاض متوسط أسعار النفط العالمية وتراجع أسعار المواد الغذائية، بينما بلغ معدل التضخم الاساسي في المتوسط 2.2 %. غير ان معدل التضخم ارتفع في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، ومن المتوقع ان تتسارع وتيرته في 2017 بسبب تأثير ارتفاع اسعار النفط على اسعار خدمات النقل والوقود، وزيادة اسعار التبغ والسجائر والخدمات التعليمية والرعاية الشخصية.
وبين التقرير التراجع في عجز كل من ميزان المالية العامة والحساب الجاري الخارجي في 2016. ووصل عجز الموازنة العامة (قبل احتساب المنح) الى نحو 6.21 % من إجمالي الناتج المحلي بعد تطبيق عدد من التدابير في العام ذاته، منها إلغاء الاعفاءات من ضرائب السلع والمبيعات لعام 2015، وتقليل الاعفاءات الضريبية على السيارات المستعملة المستوردة، وزيادة الضرائب على السجائر والخمور، ورفع رسوم نقل الملكية على مبيعات السيارات. ولكن الديون ما تزال مرتفعة، اذ تبلغ نحو 95 % من اجمالي الناتج المحلي، مع ظهور مزيد من الضغوط جراء زيادة الاحتياجات التمويلية لسلطة مياه الاردن التي تضمن الحكومة الاردنية ديونها.
وتذهب التقديرات الى انه بالرغم من انكماش التحويلات المالية بنسبة 2.4 %، فان عجز الحساب الجاري قد تحسن في 2016 عما كان عليه في 2015 بفضل تراجع عجز ميزان التجارة وميزان الدخل الاولي.
وبالرغم من تراجع الصادرات السلعية بنسبة 4.1 % وتراجع عائدات السياحة، فمن المتوقع ان يتحسن عجز الميزان التجاري بفضل انكماش نسبته 6.2 % في الواردات نتيجة لهبوط واردات الطاقة.
ولفت التقرير إلى السياسات الحكومية في تشديد السياسة النقدية في كانون الاول (ديسمبر) 2016، تماشياً مع سياسة الاحتياطي الاتحادي ودعماً لربط سعر الصرف بالدولار. فقد رفع البنك المركزي الاردني اسعار الفائدة الرئيسية في كانون الاول (ديسمبر) 2016 ومرة اخرى في شباط (فبراير) 2017 بمقدار 25 و50 نقطة اساس على التوالي للحفاظ على فارق الفائدة على الودائع بين الدينار والدولار والتصدي لـ”الدولرة” المتزايدة، حيث وصل معدل “دولرة” الودائع الى 18٫9 % في نهاية عام 2016، وهو اعلى مستوى له منذ آذار (مارس) 2014.
وهبط رصد احتياطيات النقد الاجنبي لدى البنك المركزي ليصل إلى 12.9 مليار دولار (ما يعادل تكاليفة واردات 7.7 شهر باستبعاد السلع المعاد تصديرها) بنهاية 2016 منخفضا 9 % عما كان عليه في نهاية 2015.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة طالب الحكومة بوضع خطة متكاملة لتعافي الاقتصاد الأردني، والتوقف عن العمل بالقطعة، مشيرا إلى وجوب تحديث توقعاتها بشأن أرقام النمو اولا بأول، الأمر الذي يربك الاقتصاد الأردني والقطاع الخاص على وجه الخصوص.
وقال الخبير الاقتصادي ماهر المدادحه إن مؤشر النمو غير ملحوظ ولا يشكل ازدهارا اقتصاديا.
واقترح الخبير الاقتصادي قاسم الحموري والمدادحة عددا من الحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية، أهمها الاستقرار السياسي وتفعيل دور القطاع الخاص وتسهيل التشريعات الناظمة له، واعتبر المدادحة أن القطاع الخاص أكفأ لإيجاد فرص عمل تقلص مستويات البطالة، مطالبا الحكومة بمراجعة النظام والسياسات الضريبية وإزالة المعيقات من طريق الاستثمارات الخارجية وتحفيزها، وفتح المعابر الحدوية مع سورية والعراق وذلك لزيادة حجم الصادرات، مشددا على ضرورة خفض النفقات الجارية للحكومة والتي تشكل 85 % من الموازنة العامة.