فيلادلفيا نيوز
حلّت المملكة الأردنية الهاشمية في المركز التاسع إقليمياً في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين،والذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي اليوم. هذاوتمكنت المملكة من تحسين أداءها في مؤشر التحصيل العملي بمعدل ستّ نقاط خلال العام، وكذلك في مؤشر الصحة بمعدّل إحدى عشرة نقطة. إلا أن الأداء في بعض المؤشرات الأخرى شهد تراجعاً أدى إلى تراجع الترتيب العام للأردن لتحلّ في المرتبة 138هذا العام، أي بفارق ثلاث نقاط عن ترتيب العام الماضي.
إقليمياً، وبالرغم من التقدم المستمر، سيستغرق سدّ الفجوة بين الجنسين في اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 153 عاماً وذلك بمعدل التغيير الحالي. هذا وقد تصدّرت تونس الإقليم واحتلّت المرتبة 119 عالمياً، تبعتها الإمارات بفارق نقطتين لتحلّ في المرتبة 121عالمياً، حيث سدّت 64.2%من الفجوة بين الجنسين. ومن ناحية أخرى تُظهر المملكة العربية السعودية (المرتبة 141، 59%) تقدماً طفيفاً، يشير إلى تحسن في المساواة في الأجور ومشاركة المرأة في القوى العاملة، وفجوة أصغر بين الجنسين في التعليم الثانوي والعالي.
الفجوة العالمية بين الجنسين في عام 2018 – تحليلات
ساهم التحسّن العالمي في المساواة في الأجور وزيادة عدد النساء في الوظائف الفنية، في إبقاء الفجوة العالمية بين الجنسين صغيرة نسبياً لعام2018 ، وذلك على الرغم من التراجع العالمي في تمثيل المرأة سياسياً، والركود في نسبة عدد النساء في مكان العمل، إلى جانب زيادة عدم المساواة في الوصول إلى الصحة والتعليم.
ووفقاً للتقرير، قد تم سدّ 68%من الفجوة العالمية بين الجنسين، والتي تُقاس عبر أربع ركائز أساسية وهي: الفرص الاقتصادية، والتمكين السياسي، والتحصيل العلمي، والصحة والبقاء على قيد الحياة. وعلى الرغم من التحسن الطفيف الذي يشهده التقرير مقارنة مع العام الماضي، فإن هذه الخطوة إيجابية جداً، حيث أن عام 2017 كان أول عام – منذ بدء نشر التقرير عام 2006 – يشهد اتساعاً في الفجوة بدلاً من تقليصاً في حجمها.
وبحسب الأداء العالمي الحالي، تشير البيانات إلى أن سدّ الفجوة بين الجنسين بشكل تام سيستغرق 108عاماً، بينما سيتطلّب تحقيق التكافؤ في مكان العمل 202عاماً.
اعتماداً على نتائج وأرقام التقرير، يمكن استخلاص عدد من الاتجاهات الرئيسية التي تحدد الفجوة بين الجنسين في عام 2018. ومن بين الركائز الأربعة الأساسية التي يتم قياسها، فإن واحدة فقط – وهي الفرص الاقتصادية – شهدت تضيقاً للفجوة بين الجنسين. ويعود ذلك إلى حد كبير إلى تضيّق في فجوة الدخل، والتي وصلت إلى ما يقارب 51%تقريباً، وزيادة عدد النساء في الأدوار القيادية، والذي بلغ 34%على مستوى العالم.
ومع ذلك، وفي ركيزة الفرص الاقتصادية ذاتها، تشير البيانات إلى أن تراجع في عدد النساء المشاركات في القوى العاملة، الأمر الذي يعتبر مثيراً للقلق. يُقدّر أن هذا التراجع يعود إلى عدد من الأسباب، أحدها هو الأثر السلبي للأتمتة على الأعمال التي تقوم بها النساء تقليدياً.والثاني يعود إلى أن نسبة تمثيل المرأة أقلّ من المعدّل المطلوبفي مجالات العمل المتنامية التي تتطلب مهارات ومعرفة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات STEM. والثالث هو أن البنية التحتية اللازمة لمساعدة النساء على دخول القوى العاملة أو العودة إليها – بعد الأمومة والحضانة – مثل البنية التحتية لرعاية الأطفال والمسنين، ليست متطورة بالشكل الكافي وأن العمل غير المأجور يبقى في المقام الأول مسؤولية المرأة. وعليه فإن النتيجة الطبيعية للاستثمارات الهائلة التي قامت بها العديد من الاقتصادات لسد الفجوة التعليمية هي الفشل في تحقيق عوائد مثالية في معدلات النمو.
أما الركائز الثلاث الأخرى – التعليم والصحة والسياسة – فقد شهدت اتساعاً في الفجوات بين الجنسين في عام 2018. وفيما يتعلق بالتمكين السياسي، يمكن أن يعزى التدهور هذا العام إلى انخفاض عدد النساء المتقلدات لمناصب رؤساء الدول حول العالم. وعلى الرغم من ذلك، تشير البيانات أيضاً إلى تفاوت واختلاف إقليمي، حيث يشهد 22 اقتصاداً غربياً تحسناً في التمكين السياسي للقوى النسائية ما يساهم في سدّ الفجوة المحلية على الرغم من توسعها في بقية أنحاء العالم. أما بخصوص تمثيل النساء في البرلمان، فإن هذه الاقتصادات الغربية الـ 22- والتي أغلقت مجتمعة 41% من الفجوة- شهدت تقدماً في عام 2018.
وفي تعليق له، قال البروفيسور كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي: “إن الاقتصادات التي ستنجح في ظلّ الثورة الصناعية الرابعة هي تلك القادرة على تسخير كل مواهبها المتاحة. وعليه فإن التدابير الاستباقية التي تدعم التكافؤ بين الجنسين والإدماج الاجتماعي ومعالجة الاختلالات التاريخية ضرورية لصحة الاقتصاد العالمي ولصالح المجتمعات ككل”.
منSTEM إلى الذكاء الاصطناعي: حدود جديدة في الفجوة العالمية بين الجنسين
في حين أن الفجوة بين الجنسين فيمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) يتم تأريخها بشكل جيد، تشير دراسة جديدة أجريت بالتعاون معLinkedIn إلى فجوة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي لا تنفكّ تتسع وتتطور، حيث تمثل النساء 22%من القوى العاملة فقط. تعتبر هذه الفجوة أكبر بثلاث مرات منها في أي من مجالات المواهب الصناعية. هذا ويشير التحليل أنه بالإضافة إلى أن نسبة النساء مقارنةً بالرجال في مجال الذكاء الاصطناعي هي سيدة واحدة مقابل كلّ ثلاثة رجال، فمن غير المرجح أن يتم تعيينهن في مناصب عليا أو تلك التي تتطلّب خبرة ومهارات خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي. وتشير بياناتLinkedIn إلى أن النساء ذوات مهارات الذكاء الاصطناعي أكثر احتمالاً للعمل كمحللات للبيانات، وباحثات، ومدراء معلومات، ومعلمات، بينما الرجال أكثر احتمالية لتولي مناصب عليا أكثر ومربحة أكثر، كمهندسي برامج، ورؤساء الهندسة، ورؤساء تقنية المعلومات، ورؤساء تنفيذيين.
نظراً إلى عمق فجوة المواهب بين الجنسين في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن هناك حاجة واضحة إلى اتخاذ تدابير استباقية لمنع تعميق الفجوة في الصناعات الأخرى التي يزداد فيها الطلب على مهارات الذكاء الاصطناعي. وهي صناعات تسيطر عليها القوى العاملة الذكورية بشكل تقليدي مثل التصنيع، والأجهزة والشبكات، والبرمجيات وخدمات تكنولوجيا المعلومات، فضلاً عن بعض القطاعات النسائية التقليدية مثل المؤسسات غير الربحية والرعاية الصحية والتعليم.
ومن جانبها قالت سعدية زهيدي،رئيس مركز الاقتصاد والمجتمع الجديد، وعضو مجلس الإدارة لدى المنتدى الاقتصادي العالمي: “يجب على الصناعات أن تساهم بشكل استباقي في تحقيق المساواة بين الجنسين في مستقبل العمل من خلال التدريب الفعال وإعادة التهيئة والتدريب وتوجيه التدخلات ومسارات الانتقال الوظيفي الملموسة التي تلعب دوراً أساسياً في تضييق الفجوات الناشئة بين الجنسين وعكس الاتجاهات التي نشهدها اليوم. وهذا الأمر في يصبّ في مصلحة الشركات على المدى البعيد، حيث أن الشركات ذات القوى العاملة المتنوعة أكثر تحقق أداءً أفضل”.
مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين في عام 2018 – الترتيب العالمي
تمكنت أيسلندا من سدّ أكثر من 85.8%من إجمالي الفجوة بين الجنسين، وعليه، فإنها تحتلّ المرتبة الأولى في المؤشر للسنة العاشرة على التوالي، وتبقى أيسلندا واحدة من أسرع بلدان العالم تحسناً منذ عام 2006. على الرغم من الأداء المتميز، فقد شهدت أيسلندا انخفاضاً طفيفاً في المشاركة الاقتصادية والفرص بعد زيادة الفجوة بين الجنسين في عدد القوى النسائية في مجال التشريعات السياسية، وكبار المسؤولين والمدراء.
وتشمل الاقتصادات الأخرى في ترتيب العشر الأوائل بلدان الشمال، حيث حلّت النرويج ثانية، بسدّ 83.5%من الفجوة، والسويد ثالثة، حيث سدّت 82.2%، وفنلندا رابعة، بسدّ 82.1%. هذا وتمكنت نيكاراغوا من تحسين أدائها متجاوزة رواندا لتصل إلى المركز الخامس (80.9%)، بينما شهدت رواندا توقفاً في تحسنها الذي استمرّ لبضعة سنوات، وحلّت سادسة (80.4%). أما أحدث المشاركين في المراكز العشرة الأولى فهي ناميبيا (المرتبة العاشرة، 78.9%)، وهي الدولة الثانية من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء التي تحرز مرتبة متقدمة.
من بين مجموعة دول مجموعة العشرين، تتقدم فرنسا مجدداً -على الرغم من خسارتها لمرتبة واحدة – وتحلّ في المركز الثاني عشر (77.9%)، تليها ألمانيا (14، 77.6%)، ثم المملكة المتحدة (15، 77.4%)، وكندا (16، 75.5%)، ومن ثم جنوب أفريقيا (19، 75.5%). هذا وتخسر الولايات المتحدة نقطتين وتحلّ في المرتبة الـ 51 (72%). ومن الدول التي أحرزت ترتيباً أقلّ من 100، الصين (103، 67.3%)، والهند (108، 66.5%)، واليابان (110، 66.2%)، وجمهورية كوريا (115، 65.7%)، وتركيا (130، 62.8 %) والمملكة العربية السعودية (141، 59%).
وبشكل عام، فإن أوروبا الغربية (والتي سدّت 75.8%من الفجوة) هي الإقليم الأكثر تكافؤاً بين الجنسين، وهي موطن لأربع أفضل دول أداءً عالمياً – أيسلندا والنرويج والسويد وفنلندا. وبحسب معدلات التقدم الحالية، سيتم إغلاق الفجوة بين الجنسين في أوروبا الغربية خلال 61 عاماً. ويبقى أداء سويسرا في المرتبة 20، 75.5%) مستقراً منذ العام الماضي، ويصاحب التحسّن في مجال التمكين السياسي، اتساعاً للفجوة في المشاركة والفرص الاقتصادية.
بعد تقدم دام ستّ سنوات، بدأت الفجوة بين الجنسين في أفريقيا جنوب الصحراء تتوسع مجدداً، ولا تزال رواندا (6، 80.4%) تتصدر المنطقة رغم أنها تراجعت مرتبتان إثر تراجعها في المشاركة الاقتصادية والفرص. ويعود تقدم أداء ناميبيا جزئياً إلى زيادة نسبة النساء في البرلمان، أما جنوب أفريقيا (19، 75.5%) فأحرزت تقدماً في ركيزة التمكين السياسي، إلا أنها شهدت أيضاً تراجعاً طفيفاً في المساواة في الأجور.
وعلى صعيدٍ آخر، سيستغرق سدّ متوسط الفجوة المتبقية في إقليم شرق أوروبا ووسط آسيا (29.3%) 153 عاماً. وتمكنت كلّ من لاتفيا (17، 75.8%)، وجمهورية التشيك (82، 69.3%) وجمهورية سلوفاكيا (83، 69.3%) من سدّ الفجوة في ركيزتي الصحة والبقاء على قيد الحياة، والتحصيل العلمي. هذا وتمكّنت روسيا الاتحادية (75، 70.1%) من سدّ الفجوة في التعليم الثانوي هذا العام، كما شهد تحسينات في المساواة في الأجور وتقلّد المرأة للمناصب القيادية، إلا أن التقدم المتسارع في البلدان الأخرى في ركيزة التمكين السياسي أدى إلى تراجع عام في ترتيب روسيا.
أما منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، والتي تعدّ موطناً لاثنتين من الدول في ترتيب العشر الأوائل، فلا يزال متوسط الفجوة التي تتطلّب سدّاً فيها يبلغ 31.7%. وفي الوقت الذي تمكنت فيه أربعة دول من المنطقة فقط من سدّ فجوة التحصيل العلمي، فإن أكثر من نصف دول المنطقة قد سدت الفجوة فيما يخصّ العمال المهنيين والفنيين، مما يشير إلى تحقيق نجاح نسبي في إدماج النساء ذوات المهارات العالية والتعليم العالي في القوى العاملة. من أصل 18 دولة في المنطقة التي يشملها المؤشر، حسّنت 14 دولة من إجمالي أدائها مقارنة بالعام الماضي.
تعتبر أميركا الشمالية إحدى المناطق التي حققت أكبر تقدم بشكل عام، ويصل معدّل الفجوة بين الجنسين إلى 27.5%. وتحتفظ كندا (16، 77.1%) بتقدمها في المنطقة بالإضافة إلى موقعها في المراكز العشرين الأولى عالمياً، وذلك بتحسن طفيف عبر مجموعة من المؤشرات الفرعية. أما الولايات المتحدة (51، 72%)، فقد تراجعت درجتان منذ العام الماضي، إلا أنها شهدت تحسناً متواضعاً في الفرص الاقتصادية والمشاركة يقابله انخفاض في التكافؤ في المناصب الوزارية.
وتعد منطقة جنوب آسيا من أسوأ الأقاليم أداءً، حيث تبقى الفجوة بين الجنسين عند 34.2%، إلا أنها مع ذلك تتقدم على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتعتبر بنغلاديش (48، 72.1%) الأفضل أداءً في المنطقة وتحتلّ لنفسها مركزاً بين الخمس الأوائل على الصعيد العالمي فيما يخصّ ركيزة التمكين السياسي، إلا أنها في المقابل تشهد توسعاً للفجوة في مؤشر المشاركة في القوى العاملة. هذا وقد شهدت الهند (108، 66.5%) تحسناً في المساواة في الأجور كما وأغلقت فجوة التعليم العالي بشكل كامل للمرة الأولى، إلا أنها في الوقت ذاته لم تتمكن من إحراز أي تقدم في ركيزة الصحة والبقاء، وعليه فهي تبقي أسوأ دول العالم تحسناً في هذا المؤشر الفرعي على مدى العقد الماضي.