فيلادلفيا نيوز
وسط حالة من الحزن والخوف من المجهول، تم صباح امس إجلاء آلاف المدنيين والمقاتلين من 4 مناطق سورية محاصرة بموجب اتفاق بين الحكومة والفصائل المقاتلة برعاية إيران ابرز حلفاء دمشق وقطر الداعمة للمعارضة.
وبعد ساعات على خروج مئات المدنيين ومقاتلي الفصائل المعارضة من مضايا قرب دمشق، دخل الجيش السوري إلى البلدة التي شكلت خلال السنوات الماضية رمزا لسياسة الحصار المتبعة في سورية.
وينص الاتفاق الذي تم التوصل اليه الشهر الماضي على إجلاء الآلاف على مراحل من بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصرتين من الفصائل المقاتلة في ادلب (شمال غرب)، ومن الزبداني ومضايا المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق.
وبعد وصوله إلى جانب الآلاف الى منطقة الراشدين الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة غرب حلب، قال ابو حسين (في الخمسينات من العمر) من بلدة الفوعة “فور صعودي الى الحافلة، انهرت تماما من الحزن وسقطت ارضا واضطروا الى اسعافي، لم استطع الاحتمال”.
وأضاف وقد تورمت عيناه من شدة البكاء “حال الناس في مضايا والزبداني مثلي تماما، اي احد يضطر الى ترك بيته لديه شعور الحزن ذاته”.
وبرغم امله في العودة، قال ابو حسين “لا احد يعرف ماذا تخبئ له الايام”.
ووصلت صباح الجمعة 75 حافلة و20 سيارة اسعاف تقل سكانا من الفوعة وكفريا الى منطقة الراشدين، وتنتظر حاليا إكمال طريقها الى مدينة حلب.
وخرجت بالتزامن عشرات الحافلات من مدينة مضايا وهي في طريقها الى محافظة حماة ومنها الى معقل الفصائل المعارضة في ادلب.
وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان خروج حتى الآن “3700 مدني و1300 مقاتل موال للنظام” من الفوعة وكفريا، مقابل 2200 بينهم “ما لا يقل عن 400 مقاتل” معارض من مضايا.
وأشار مدير المرصد رامي عبدالرحمن الى ان مقاتلي الفصائل في الزبداني “ولا يتجاوز عددهم 150 مقاتلا” ينتظرون إجلاءهم في وقت لاحق.
ومن المتوقع بموجب الاتفاق اجلاء جميع سكان الفوعة وكفريا الذين يقدر عددهم بـ16 ألف شخص.
وبعد ساعات على بدء عملية اجلاء، افاد عبدالرحمن عن “دخول الجيش السوري الى مضايا” التي اختار آلاف السكان البقاء فيها.
وتحولت مضايا الى رمز لمعاناة المدنيين في سورية بعد وفاة عدد من الاشخاص بينهم أطفال جراء الجوع وسوء التغذية نتيجة حصار طال ثلاث سنوات.
وقال الطبيب محمد درويش، اثناء تواجده على متن احدى الحافلات الخارجة من مضايا، “هناك فرح كوننا تخلصنا من الازمة لكن الجو العام هو الكآبة والحزن والغضب لا نعرف مصير الناس الذين تركناهم خلفنا، ولا نعرف مصيرنا”.
وتابع “وكأن الناس تلقت صفعة على وجهها، الجميع في صدمة”.
ومن بين الذين تم اجلاؤهم، بحسب درويش، حوالى “20 حالة مرضية منهم ثمانية تقلهم سيارات اسعاف”. واشار الى وجود نساء حوامل ورجل بحاجة الى جراحة في البطن وآخر الى بتر أحد أطرافه.
وتأجل تنفيذ الاتفاق لأسباب عديدة بينها ان سكان البلدات الاربع اعربوا عن تحفظاتهم. وبعد طول انتظار، بدأ تنفيذ المرحلة الاولى منه الاربعاء عبر تبادل الطرفين عدداً من المخطوفين.
وماتزال الحافلات وسيارات الاسعاف من الفوعة وكفريا تنتظر في منطقة الراشدين حيث يخرج الركاب بين الحين والآخر لقضاء حاجاتهم، ويوزع متطوعو الهلال الاحمر السوري المياه عليهم.
وتقل سيارات الاسعاف، بحسب مصدر في الهلال الاحمر في المكان، “31 جريحا ومريضا”.
واوضح احد منسقي الاتفاق من جانب الحكومة حسن شرف لفرانس برس ان “أحد بنود الاتفاق ينص على ان التنفيذ يحدث بشكل متزامن”.
وبالتالي، وفق قوله، فإن الحافلات التي خرجت من الفوعة وكفريا تنتظر في الراشدين وصول قافلة مضايا والزبداني الى قلعة المضيق في حماة، لتكمل القافلتان طريقهما الى وجهتهما النهائية.
والمناطق الأربع محور اتفاق سابق تم التوصل اليه بين الحكومة السورية والفصائل برعاية الامم المتحدة في ايلول(سبتمبر) 2015، ينص على وجوب ان تحصل كل عمليات الاجلاء بشكل متزامن.
وفي الاشهر الاخيرة، تمت عمليات اجلاء في مدن عدة كانت تحت سيطرة الفصائل ومحاصرة من قوات النظام، لا سيما في محيط دمشق.
وتعد إدلب وجهة لعشرات الآلاف الذين تم إجلاؤهم بموجب هذه العمليات.
وتعتبر المعارضة عمليات الإجلاء “تهجيرا قسريا” وتتهم الحكومة السورية بالسعي الى احداث “تغيير ديموغرافي” في البلاد.
وفي مقابلة مع فرانس برس في دمشق، قال الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء ردا على سؤال حول اجلاء الفوعة وكفريا “إن التهجير الذي يحدث في ذلك السياق تهجير إجباري”.
وأضاف الاسد “بالطبع سيعودون إلى مدنهم بعد التحرير”. وتابع “أما الحديث عن التغييرات الديموغرافية، فإن هذا لا يخدم ولا يصب في مصلحة المجتمع السوري عندما يكون ذلك دائما. لكن بما أنه مؤقت، فإنه لا يقلقنا”.
وفي موسكو، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لعدم زيارتها موقع “الهجوم الكيميائي” في خان شيخون.
وأثار الهجوم في الرابع من الشهر الحالي تنديدا واسعا بعدما تسبب بمقتل 87 مدنيا بينهم 31 طفلا. ونفت دمشق بالمطلق اي علاقة لها به.
وأبدى الاسد خلال المقابلة استعداده للقبول بتحقيق دولي شرط ان يكون “غير منحاز”. وقال “بحثنا مع الروس.. في الايام القليلة الماضية بعد الضربة (الاميركية) أننا سنعمل معهم لإجراء تحقيق دولي. لكن ينبغي لهذا التحقيق أن يكون نزيهاً”. وأكد الاسد ان الهجوم “مفبرك” تماماً.-(ا ف ب)