فيلادلفيا نيوز
جزيرة سقطرى إحدى الجزر اليمنية في المحيط الهندي. وتشكل أرخبيلاً من أربع جزر عند مدخل خليج عدن قبالة القرن الإفريقي، وتبعد 300 كيلومتر عن الساحل اليمني. ويضم الأرخبيل جزيرة سقطرى، ودرسة، وسمحة، وعبد الكوري، وجزيرتين صخريتين صغيرتين. وتُعدّ الجزيرة من أكبر الجزر العربية، حيثُ يبلغ طولها 125 كيلومتراً وعرضها 42 كيلومتراً، فيما يصل طول شواطئها إلى 300 كيلومتر. وقد أدّى نشوء هذه الجزر منفصلةً منذ ملايين السنين إلى خلق مستوىً فريد وأنساق غير مألوفة من الاستيطان والتنوع الحيوي، في بيئة هي موطن لكائناتٍ نادرة الوجود، حتى لتبدو بعضها غريبةً عن كوكب الأرض.
تعمل مجموعة إتش إس الدولية في سقطرى في مشاريع رائدة ذات صبغة خاصة تولي البيئة المادية والثقافية اهتماماً يتناسب مع خصوصية الجزيرة وتميزها. ولتسليط الضوء على أحد المشاريع الجارية تحدث المهندس عبدالله اليوسفي، المدير الإقليمي للمجموعة، في تصريح صحفي عن مشروع الإسكان الذي تنفذه مجموعة إتش إس الدولية في منطقة دكشتين، سقطرى. بدأ المهندس عبدالله حديثه بالإشارة إلى أن إعصار تشابالا، الذي ضرب جزيرة سقطرى في نوفمبر 2015، وأدى إلى أضرار جسيمة في مساكن أكثر من 1,000 عائلة، تم نقلها مؤقتاً للإقامة في خيام. واضطُر أكثر من 18,000 شخص إلى ترك منازلهم التي دمرها الإعصار؛ وسُجِّلت حالات وفاة وإصابات بين السكان؛ كما حدث دمار كبير في الميناء الوحيد، ودُمِّرت مصادر الطاقة على الجزيرة.
وأفاد المهندس عبد الله اليوسفي أن مجموعة إتش إس بدأت العمل في جزيرة سقطرى بتمويل من مؤسسات وهيئات إغاثية لمساعدة الجزيرة على تجاوز الأحوال المتردية، وتحسين أحوال السكان ببناء مساكن للمتضررين من الإعصار في مواقع مختلفة من الجزيرة. ويشتمل المشروع على 301 منزل، إضافة إلى مرافق خدمية ومجتمعية أساسية كالمدارس والمساجد. وقد تم إنجاز حوالي 40 % من المشروع، بمراعاة المعايير التصميمية والإنشائية المتبعة عالمياً. وأشار اليوسفي إلى العمل الجاري لإعداد مشاريع مياه داخل القرى، وإنشاء محطات للتنقية، وتمديد شبكات لتزويد المنازل بالمياه النقية. كما تم عمل وحدات منفصلة للطاقة الشمسية لكل منزل لتزويده بالكهرباء.
وأردف اليوسفي أن الشركة ترشحت لجائزة عالمية بجزء من المشروع في منطقة دكشتين، يتوقع أن يتم إنجازه في إبريل 2018؛ وهو عبارة عن قرية واحدة مكونة من 34 منزل، مع مسجد ووحدة صحية. وقد تم عمل المنازل بشكل يلائم معيشة السكان وبيئتهم الاجتماعية والثقافية، ويتناسق مع محيطها الطبيعي، الواقع في أرض مفتوحة نسبياً، ضمن تضاريس وعرة بين جبال وأودية. وقد أوضح أن الهدف من المشروع إغاثة المتضررين من الإعصار في منطقة دكشتين وتأمين وحدات سكنية لهم.
جدير بالذكر أن السكان في هذه المنطقة كانوا قبل الكارثة يقيمون في أسفل الوادي بجانب البحر، في مساكن يؤوي كلٌ منها عائلةً تتكون من 5 إلى 8 أفراد. وقد أقام الناجون من الإعصار في خيام كسكن مؤقت بعد دمار مساكنهم. وأشار إلى أن تصميم المشروع قد اعتنى عناية خاصة بالاعتبارات البيئية نظراً للطبيعة الحساسة للجزيرة وحفاظاً على تميزها البيئي. وتَضمَّن البرنامج الهندسي الاستفادة من المواد والموارد وأنماط البناء المحلية، كما أولى اهتماماً عالياً بدور المجتمع المحلي، الذي نيط به تنفيذ المساكن الجديدة كشريك فاعل وأساسي في عملية الإعمار. وتقوم مكاتب مجموعة إتش إس الدولية في الأردن بتقديم الدعم الفني وتزويد المشروع بكل التصاميم، وهي جهود مهندسين وخبراء من دول واختصاصات عديدة. أما الإدارة الهندسية والأيدي العاملة في الجزيرة فهي يمنية بالكامل. وتقوم الجهات المانحة بتقديم الدعم اللوجستي.
وبخصوص الحرب الدائرة حالياً في اليمن وتأثيرها، أشار اليوسفي إلى أن الجزيرة تعيش في هدوء وسلام تامين، ولا أحداث تتعلق بما يجري في باقي اليمن من اقتتال وانتشار للسلاح وانعدام للأمن؛ وما زالت تحتفظ بالسِمَة الأهم التي تميزها كمحمية بيئية تتمتع بطبيعتها الفريدة. لكن ما تعانيه الجزيرة من الصراع هو ما ينتج عنه من صعوبة في حركة التحويلات المالية وصعوبة وصول المواد إلى الجزيرة. بالإضافة إلى أن الملاحة البحرية تتوقف من وإلى الجزيرة لمدة أربعة أشهر بسبب موسم الرياح التي تهب على الجزيرة، وخصوصاً المناطق الشرقية منها. وقد ختم المهندس اليوسفي حديثه بالأمل في أن يحل السلام ربوع اليمن قريباً، وأن يتفرغ الجميع للبناء بدل الحرب. لا اختيار لنا في إتش إس غير استمرار جهود الإعمار كاختيار وحيد، دائم وثابت.