فيلادلفيا نيوز
فهد الخيطان
تعاني مؤسسات الدولة ومنذ سنوات، من عجز واضح في مخزون القيادات السياسية والاقتصادية، وتحتار في سد الفراغ كلما اقتضت الحاجة، خصوصا في مواقع الصف الأول.
القطاع العام الذي عانى طويلا من الجمود، فقد قدرته على تصعيد قيادات جديدة؛ مؤهلة ومسيسة، ولم يعد ينتج سوى موظفين مبرمجين بقواعد عمل روتينية تفتقر للابداع والخيال.
لقد انتج هذا القطاع من قبل خيرة الوزراء والمديرين، وحمل على عاتقه رفد مجالس الوزراء بأفضل الكفاءات، خصوصا للوزارات الخدمية والفنية.
ولفترة طويلة مضت كانت النقابات المهنية منهلا للقيادات السياسية والتكنوقراط، لكن منذ ان سيطر عليها لون سياسي واحد، تراجع دورها على هذا الصعيد، كما اتخذت الدولة منها موقفا سلبيا، حال دون الاستفادة من خبراتها وطاقاتها.
مجالس النواب صارت عبئا على المؤسسات، عوضا عن دورها السابق في تغذية النخبة السياسية برموز ووجوه جديدة، تحوز على ثقة شعبية، وقدرات قيادية تؤهلها لتشكيل حكومات.
لم يعد هناك من يهتم برصد القيادات الواعدة في المؤسسات، ودعمها وتأهيلها عبر برامج مصممة لهذه الغاية. العشرات يضيعون وسط الزحام في المؤسسات، ولا أحد يلتفت لقدراتهم.
لم أسمع عن برنامج لتعظيم قدرات قيادات شابة في مجال الإدارة المالية، والحال كهذا فليس غريبا أن يعاني رئيس وزراء مكلف قبل أن يعثر على شخصية مناسبة لتولي وزارة المالية مثلا أو وزارة التخطيط.
ينبغي للوجوه الصاعدة لتولي المناصب الوزارية أن تكون معروفة للجمهور من قبل، ومختبرة في مواقع إدارية، وتحظى بسمعة طيبة، وتقدير على ما تنجزه من أعمال.
في بلد مثل الأردن، تشكل الفئة الشابة نحو ثلثي مواطنيه، لا يجوز أن يحتل من هم فوق سن الخمسين أغلب المناصب الوزارية والقيادية.
لقد كسرت الدول المتقدمة هذه القاعدة من قبل. فرنسا ذات التقاليد العريقة في السياسة انتخبت شابا لم يبلغ الأربعين رئيسا للجمهورية، وحزبه الذي تشكل حديثا في طريقه لاكتساح البرلمان.
النخبة السياسة المتصدرة في بلادنا شاخت واكثر من ذلك هى نخبة مستسلمة لموروثها في الإدارة والقيادة، بينما البلاد بحاجة لطبقة من السياسة الطموحين وحتى المبادرين والمغامرين.
نخبة تفكر خارج الصندوق، ولا تتردد بكسر القالب، واجتراح حلول خلاقة لمشاكلنا، ولايهمها إرضاء الأقارب والمحاسيب.
لا يمكننا الآن أن نغيّر الواقع القائم، لعدم توفر البدائل، لكن علينا التفكير في الأيام القادمة، والاستعداد لزمن قريب يكون للشباب فيه كلمة الفصل في إدارة الدولة. وهذا يتطلب تصميم برنامج متكامل لبناء القدرات القيادية في مختلف المجالات، واختيار أفضل الشباب للالتحاق به، وزجّهم مبكرا في الميدان لاكتساب الخبرات والتعلم من الأخطاء، والانخراط في الحياة العامة بكل أشكالها. عليهم قراءة تاريخ هذا البلد بعمق، وإدراك عوامل نهضته وإخفاقاته، وتشخيص مشكلاته بأدوات عصرية، ليتسنى لهم اكتساب المعرفة اللازمة لإدارة شؤونه في المستقبل.
لقد راهنا في ما مضى من سنوات على القطاع الخاص لرفد المؤسسات بالخبرات القيادية، لكن النتائج كانت مخيبة في بعض الأحيان، لأن معظم من قدموا للمواقع القيادية ظهروا كمستشرقين فعلا، لا يعلمون شيئا عن بلدهم وشعبهم.