فيلادلفيا نيوز
البحث عن حل سريع لفقدان الوزن هاجس يقلق راحة الكثيرين ممن يواصلون البحث عن أي طريقة أو دواء يساعدهم على ذلك بدون اللجوء إلى طبيب أو حتى باتباع حمية غذائية.
التهاون في بيع أدوية التخسيس وتداولها بشكل عشوائي بين الناس بطرق مختلفة ومتنوعة، يشكل خطرا يهدد صحة وسلامة الكثيرين، خصوصا تلك التي يجهل طبيعة مكوناتها.
بمحض الصدفة، وعن طريق تطبيق التواصل الاجتماعي “واتس أب”، يلفت نظر الثلاثينية إيمان محمد، نوع جديد من أدوية التخسيس لفقدان 10 كيلوغرامات خلال شهر بدون حمية أو رياضة.
إيمان أم لأربعة أطفال، كغيرها من النساء اللواتي يحلمن بجسم رشيق، فما إن قرأت تعليق المشتركات في جروب “واتس أب” حتى سارعت بشراء هذا المنتج الذي تزعم مروجته بأنه كبسولات أعشاب آمنة.
وبالرغم من نجاح هذا المنتج مع العديد من الفتيات اللواتي قمن بشرائه من خلال “الواتس أب”، إلا أن الحال كان مختلفا كثيرا مع إيمان التي عانت فترة طويلة من اضطرابات في الهضم، فضلا عن إسهال شديد وقلة حيلة رافقتها خسارة طفيفة في الوزن.
أدوية تأخذ بناءعلى تجارب الآخرين!
الأربعيني خالد الفاعوري كان أحد مجربي أدوية التنحيف لرغبته في إنزال وزنه، ولكن بدون بذل أي مجهود، وكانت صدمته كبيرة بعد أن رأى صديقه وقد خسر 20 كيلوغراما من وزنه بعد مرور ثلاثة أشهر نتيجة تناوله أحد أدوية التنحيف.
الفاعوري، وبعد رؤيته لقصة النجاح الحقيقية لفقدان الوزن، سارع لشراء الدواء بدون أن يفكر إن كان ملائما لجسمه أم لا.
“اسأل مجرب ولا تسأل خبير”، هكذا برر الفاعوري تصرفه عند ذهابه للصيدلية لشراء الدواء، متجاهلا الأضرار الجانبية التي قد يتسبب بها الدواء.
الثلاثينية منار واحدة من العديدين الذين وقعوا ضحية لتجار أدوية التخسيس العشوائية، وبعد شرائها وصديقاتها عبوات لإنزال الوزن ذات تكلفة عالية لم تتمكن من إنزال وزنها، بل على العكس تسبب الدواء بألم في الكليتين، فضلا عن شعور دائم بجفاف حلقها، وتنميل بأطرافها.
في النوادي الرياضية وصالونات التجميل تحدث الكثير من القصص؛ إذ تبدأ القصة من الترويج للدواء وفعاليته، وفق ما تقول الثلاثينية منى عصام، التي أبدت استغرابها من إقبال الكثيرين على شراء هذه الدواء.
وتتساءل منى عن كيفية إمكانية تداول هذه الأدوية في مثل هذه الأماكن بدون رقابة من جهة، فضلا عن بيعها في عبوات بيضاء بدون أن يوضع عليها بطاقة بيان أو حتى أي شيء يبين مصدر إنتاجها وطبيعة مكوناتها.
ينبغي أن تصرف الأدوية بوصفة طبية
من جهته، أكد اختصاصي الأمراض الباطنية، الدكتور أحمد العرموطي، ضرورة صرف الأدوية من خلال وصفة طبية معتمدة من طبيب، خصوصا الأدوية التي تتعلق بالنحافة وإنزال الوزن، لافتا إلى أن العلاج الذي قد يناسب شخصا ليس بالضرورة أن يناسب شخصا آخر.
وحذر من خطورة تناول أي نوع من أدوية التخسيس قبل إجراء فحوصات طبية كاملة وإجراء فحص سريري من قبل اختصاصي غدد صماء وسكري، مبينا أن السمنة عرض ويجب البحث وراء السبب وحله.
ويلفت العرموطي إلى أن اختصار كميات الأكل وممارسة الرياضة يعدان حلا مثاليا لفقدان الوزن، لكن في حين كان هناك خلل في الجسم فمن الأجدى أن يعالج الخلل قبل البدء بالبحث عن حلول لفقدان الوزن وتناول أدوية التخسيس.
وتكمن خطورة الأدوية، بحسب العرموطي، “بالتقليد”؛ حيث يلجأ العديد من الناس لتناول الأدوية بدون الاهتمام بالآثار الجانبية وما يمكن أن يحدثه تناولها من حساسية قد تكون قاتلة في بعض الحالات، مشددا على ضرورة معرفة سبب السمنة أولا قبل البحث عن طرق التخلص منها.
ويذهب الى أن “القانون يمنع صرف أي علاج بدون وصفة طبية، باستثناء المسكنات التي لا يوجد لها أي أضرار على المريض”، محملا مسؤولية ذلك للنقابات المهنية الطبية والصيدلانية لتفعيل القانون وإلزام الصيادلة بعدم صرف دواء بدون تشخيص حتى وصفة.
الأدوية بالصيدليات مصادق عليها من وزارة الصحة
من جهته، ينفي نقيب الصيادلة، الدكتور زيد الكيلاني، مخالفة الصيدلاني للقانون عند صرفه لأدوية التخسيس الموجودة في الصيدلية، لافتا إلى أن الأدوية الموجودة في الصيدلية هي أدوية آمنة وتم المصادقة عليها من قبل مؤسسة الغذاء والدواء ووزارة الصحة ولا يوجد عليها أي مشاكل.
ويؤكد بدوره أن الصيدلاني هو الشخص المناسب لمعرفة الدواء المناسب للمريض، نظرا لخبرته الدوائية، وهو قادر على إعطاء المريض أدوية التخسيس وصرفها بدون وصفة طبية، مؤكدا أن معرفة الصيدلاني بالتركيبة الدوائية للعلاج الذي ينوي صرفه تجعله أكثر معرفة وخبرة بملاءمة هذا الدواء للمريض.
ويتابع اختصاصي الطب الباطني العرموطي، محذرا من استسهال الناس الذهاب إلى الصيادلة وصرف الدواء بدون مراجهة طبيب اختصاصي، مؤكدا أن المريض بهذا التصرف لا يوفر أبدا وإنما يؤخر في تلقي العلاج وفترة التعافي.
أدوية قد تدمر الصحة
كما يشدد على ضرورة الحذر عند صرف هذه الأعشاب، لجهل ما تحويه هذه الأعشاب، مطالبا بضرورة وجود بطاقة بيان على علبة الدواء لمعرفة مكوناتها وكيفية تناولها، حتى يتمكن الشخص الذي سيتناولها من تفادي المضاعفات التي قد تحدث عنده في حال وجود أي نوع من الحساسية ضد أي من مكونات الدواء.
ويشير إلى أن كثيرا من أدوية التخسيس تحدث إسهالا لدى الشخص، وفي حال فقد كميات كبيرة من السوائل فستكون العواقب غير محمودة، فقد تتسبب في زيادة في ضربات القلب وبالتالي قد تؤدي للوفاة.
أدوية للتخسيس يروج لها بمواد رياضية وعبر الإنترنت
من جهة أخرى، يقول الكيلاني “الأولى أن يتم ضبط بيع أدوية التخسيس في النوادي الرياضية، الصالونات وعبر الإنترنت والتي تشكل خطرا حقيقيا على حياة البعض”، لافتا إلى أن هذا النوع من الأدوية دخل بطريقة غير شرعية، وبالتالي هو مخالف لشروط الصحة العامة والجهل بمكونات هذه الأدوية ومصدرها يستدعي من الجهات المعنية متابعتها.
الصيدلانية هناء أكرم، تلفت بدورها إلى ارتفاع الطلب على أدوية التخسيس التي انحصرت في أنواع معينة لحرق دهون، وهناك من يسرع عملية الهضم، وفي هذه الحالة يصرفه الطبيب للمريض لسببين؛ الأول تحسين حركة الأمعاء وعملية الهضم، والآخر تخليص الجسم من الدهون، وهنالك أدوية تعمل تركيباتها على الأنزيمات.
وحول أهمية وجود وصفة طبية، تقول “ينبغي عدم إعطائه إلا بوصفة طبية، لكن أحيانا تصرف أدوية في صيدليات بدون وصفة”، لافتة إلى أن معظم من يطلبون الدواء يكون بناء على تجاربهم السابقة.
وتردف “لا نتجاهل عدم وجود وصفة ونقوم بالاستفسار إن كان الشخص يعاني من أي أمراض”، فضلا عن معرفة الوزن وإن كان هناك وجود لأي نوع من الحساسية لدى المريض.
وتؤكد هناء أن وجود الوصفة أو عدمه لا يخلي مسؤولية الصيدلي وأمانته الوظيفية، ففي كثير من الأحيان قد يغفل الطبيب عن الأعراض الجانبية التي قد يتسبب بها الدواء للمريض ويقوم الصيدلي بتعريف المريض بها.
وتحرص هناء، وقبل إعطاء أي نوع دواء، على معرفة إن كان المريض لديه أي مشاكل في القلب، الكبد والكلى، وعلى الأغلب يتم صرف الجرعة الدوائية حسب الوزن، كما يتم تنبيه المريض في حال حدوث غثيان أو قيء أن يوقف الدواء فورا.
ويبين الصيلاني محمد علان، أن هنالك ضبطا من مؤسسة الغذاء والدواء، وحول إنتاج وبيع أدوية التخسيس وقوننتها وإدخالها إلى الصيدليات بصورة منظمة، الأمر الذي قلل من العشوائية والفوضى في هذا المجال.
الأصل تحسين العادات الغذائية
وحول صرف أدوية التخسيس في الصيدلية، يبين علان إقبال المرضى على هذا النوع من الأدوية. ويتابع “الأصل هو تحسين العادات الغذائية والابتعاد عن الوجبات السريعة والأطعمة الغنية بالسكريات وكيفية التوازن في تناول الأرز، السكر والخبز”.
ويبين “يجب التعامل مع أدوية التخسيس بوعي وحذر، فلكل كبسولة محاذير ومضاعفات يجب أن تحظى باهتمام”، لافتا إلى أنه وقبل صرف أي نوع من أدوية التخسيس يطالب المريض بضرورة استشارة طبيب غدد وبنكرياس، وفي حال كانت سيدة مراجعة أخصائية نسائية، لمعرفة السبب الرئيسي للسمنة من جهة وأخذ النصح باختيار دواء التخسيس المناسب.
ويضيف “أن المشكلة ليست في صرف الدواء بدون وصفة ولكن في عدم التقيد بالجرعة التي يكتبها الصيدلي أو الطبيب”؛ إذ يتناول معظم الناس الدواء بناء على تجارب غيرهم، كما يحذر من القنوات الفضائية التي تروج لبيع أدوية التخسيس بدون وجود ضوابط أو رقابة عليها.