الإثنين , ديسمبر 23 2024 | 1:31 ص
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / آفة المخدرات . . بقلم د. سعود ساطي السويهري

آفة المخدرات . . بقلم د. سعود ساطي السويهري

فيلادلفيا نيوز

هل تفكرنا يوما لماذا زاد لجوء شبابنا إلى تعاطيالمخدرات، وما الدوافع والأسباب الحقيقية التي تحركهم تجاه هذه الآفة الخطيرة التي تُغيّب عقولهم، فالآفة معناها كل ما يصيب شئيا فيفسده من مرض أو عاهة أو وصمة او غيرها، والإدمان والتعاطي هنا هما الآفة التي تفسد الشباب وتمرضهم وتسبب لهم ضياعا للنفس والجسم والحواس والقلب والمستقبل، وكل أولئك كان الإنسان عنه مسؤولا.

ويقصد بالمخدرات تلك المواد الطبيعية أو غير الطبيعية، فالطبيعية يتم استخراجها من بعض الأشجار والنباتات كالمورينجا والحشيش، والأفيون والقات. وغير الطبيعية وهي المواد التخليقية أو المصنعة كالشابو والفودو والاستروكس وغيرها، وقد يكون لهذه المواد المصنعة تأثيرا وأضرارا أكبر من سابقتها، تمتد من الفرد لمجتمعه المحيط.

ولا شك أن لكلا النوعين السابقين آثارا سلبية خطيرة من الناحية الطبية والنفسية والاجتماعية بل والاقتصادية أيضا، ولآفة المخدرات تأثيرا وتأثر ولجوء، فالنسبة للتأثير والتأثر فإن أول ما يصاب هو الجهاز العصبي وهو أخطر جهاز في جسم الإنسان، فيصاب بالتسمم والغيبوية والتخدير الذي ينتج عنه أعراضا فسيولوجية واضحة تتمثل في الهياج والعصبية أو الاستسلام والنوم والغياب عن الوعي بحسب المواد المخدرة الدخيلة على الجسم وأعضائه، وفي كلتا الحالتين فإن للمخدرات أضرارا على أجهزة الجسم تمتد كما ذكرنا من الجهاز العصبي رأسيا إلى اضطراب ضغط الدم وكسل المعدة والأمعاء والضعف العام، مرورا بفقدان الوعي بالزمان والمكان، ومما يزيد الطينة بلةً هو أن هذه المواد لا يمكن الاستغناء عنها؛فيدمنها الفرد مرارا وتكرارا؛ مسببة حالة من التعود والنشوة والتغيب العقلي والنفسي، فيتم الإقبال عليها بلهفة وانتظار غير عادي ليتولد لنا مفهوما يسمى بالاعتماد النفسي، وهو موقف يجد فيه الفرد المدمن شعورا بالرضا الزائف والسعادة المؤقتة واللذة الواهية.

أما عن اللجوء للإدمان فللأسف الشديد تبدأ خطوات الإدمان بأحد أمرين: أولهما التجربة وحب الاستطلاع، وتشجيع الصحبة والجليس السوء، وخير دليل على ذلك المثل القائل:”الصاحب ساحب”. والحديث الشريف للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:” المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”. وثانيهما: الهروب من الواقع والمواقف الحياتية الصادمة، فتكون أشبه بالحيل الدفاعية المستميتة للدفاع عن النفس بسبب ضعف تقدير الذات والثقة بالنفس، والشعور بالخزي والضياع، وللأسف الشديد أيضا فأغلب الحالات تبدأ في الإدمان بسبب هذه النواحي النفسية التي لا ينتبه لها المجتمع متمثلا في الأسرة ونطاق التعاملات المجتمعية التي لا تراعي حدود النفس الإنسانية واحتياجاتها ومتطلباتها وإشباعاتها المعروفة، ومما يؤسف له أن مردود هذا الإدمان يعود بالسلب على المجتمع أيضا فيصاب الأهل أولا بالخزي والإحراج لمجرد وجود فرد مدمن من الأسرة، وأغلب المجتمعات تنظر لهذا الأمر كوصمة عائلية أو أسرية أو مجتمعية ينبغي التخلص منها دون أن يشعر بها المجتمعالمحيط.

ولمحاربة هذه القضية الخطيرة وإعلان حرب التصحيح والوقاية ينبغي وضع مجموعة من الحلول الإرشادية الاستباقية كالتالي:

– الوعي المجتمعي لقضايا الإدمان والتعاطي، من خلال إقامة دورات إرشادية وتوعوية لمثل هذه القضايا.

– توعية الأسر بسبل التعامل الصحيح حيال هذه القضايا الخطيرة، وتعزيز الوازع الديني والثقافة الدينية، والتذكير والتعويد على الثوابت.

– التعريف بالضغوط النفسية ومعناها، واستباق الأحداث بكيفية الاستعداد للشدائد والأزمات، والتزويد بسبل مواجهة الضغوط.

– تفريغ طاقة الشباب بالرياضة المفيدة التي تحقق التنفيس والتطهير للشحنات الانفعالية.

– الوعي بمخاطر المخدرات للأسرة والأبناء، وتوضيح حالات فعلية من بداية الحال إلى بيان المآل، لإظهار كم التعرض السلبي وتبعاته حيال الإدمان لهذه المخدرات القاتلة والمسممة.

– تعزيز طرق التعامل بين الآباء والأمهات والأبناء وتفهم احتياجاتهم ورغباتهم والاستماع لهم، وتقديم النصح والإرشاد اللازم.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com